الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

أصعب مواجهة

أصعب موجهة
 
أصعب المواجهات قد لا تكون المواجهات في الحروب والمعارك وأمام الأعداء , بل أصعبها هي التي تدور بين النفس , هي أن تواجه نفسك وتكتشف أنك ضعيف جداً في داخلك , بل كأنك درع محارب مفرغ من الداخل قد يهابك الجميع من الخارج ويشيدون بمهاراتك وهواياتك وفي الواقع الإشادة تكون لمن يلبسه فإن لبسه بطل زاد من هيبة الدرع وإن لبسه ضعيف جبان كان وبالاً عليه وإن لم يلبسه أحد مجرد ضربة تسقطه كذلك داخلك قد يكون تجويف مجرد ضربة قوية قد تسقطك أرضا .
 
هذا واقع كثير منا , قلة فقط تكون من داخلها أقوى مما تظهر عليه أو حتى خارجها كداخلها , ونحن لا نكتشف ذلك إلا حين تداهمنا الظروف القاسية , فنجد أننا لا حمل لنا على تحملها , وسرعان ما نتدحرج من أعلى القمة الوهمية ويخور الجبل بنا إلى أسفل المنحدر , قد يصعب علينا ذلك وتصعب مواجهة انفسنا , ونحاول تلفيق الأعذار وإلصاق التهم في الظروف , وننكر ضعفنا ونتنكر للواقع , ونكمل الحلم بأننا على ما يرام , ومهما حاولنا الفرار تجبرنا الأيام على أن ننصدم في الحقيقة التي حاولنا الفرار منها مرار ..
 
في دواخلنا فراغ كبير , يكاد يظهر عند اشتداد الرياح لولا أننا نرمم الأجزاء التي تنكشف كلما هبت الرياح من جانب , وكلما حاولنا حشو ذلك الفراغ تشغلنا الدنيا وملهياتها وملذاتها , ونستمتع بسعادة الجميع بظاهرنا وننسى أن الباطن هو الأساس .
 
حين زرت الطبيب الأسبوع الماضي أخبرني ان كثيراً مما يعترني سببه " عامل نفسي " وحين قابلت صديقة مقربة لي درست في علم النفس والمجال التربوي أخبرتني أن ما أمرُ بهِ هو حالة لها مسمى علمي في علم النفس سببها الضغط النفسي , وحين حدثتني معلمتني قالت ربما ما أصابك هو من الضغط النفسي , أنكرت حديثهم لأول وهلة , فأنا أظن أني قوية بما فيه الكفاية ودائما ما أرمم دواخل الصديقات والحبيبات وأزرع الأمل والتفاؤل , فكيف تغلبني الظروف , ولكني كنت مخطئة , فأنا كنت فقط ظاهراً وكنت سريعة الترميم حتى وصلت إلى مرحلة لا يجدي الترميم فيها شيئا .
 
ما يحزنني ليس ضعفي وانهزامي السابق فانا الآن قد تمسكت بحبال الأمل وحسن الظن بالله ووقفت من جديد وبدأت في بناء الداخل قبل الخارج , ولكن حزنت لأني نسيت بعضاً من آيات القرآن الكريم , وانشغلت عن تحقيق عبادة اليقين بالله , وقلت حديثاً وحفظته ولكني نسيت أن أطبقه .
 
لو أننا آمنا بحق بكل ما تعلمنا وعشنا معه وأحسنا الظن بالله سنرتاح كثيراً , وندرك أن الذنوب سبب الغموم ولا نتوقف , ونقول الهم أرهقنا , وندرك أن الصحة واجب علينا الاعتناء بها وقد نفقد همتنا بسبب ضعفها , ولكننا لا نهتم بها ونسرف في إرهاق أنفسنا , وندرك أن النوم مطلوب ونطيل السهر ولا ننام إلا غفوات , وندرك أن كثرة الأعمال تشتت ونعمل أكثر من شيء في نفس الوقت .
 
ورسالتي تخلصوا من كل المعوقات ورتبوا مهامكم جيداً وابنوا دواخلكم قبل ظواهركم فكل شيء يفنى ويبقى معك داخلك الذي بنيته ..
 
 
طموح الياقوت ( رقية ) ..
 
# حوليات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق